الإمام ناصر محمد اليماني
20 - 05 - 1433 هـ
12 - 04 - 2012 مـ
04:27 صباحاً
ــــــــــــــــــــــــ
يا أيها الأحمديين لا تحرّفوا كلام الله في محكم الذِّكر ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع الرُّسل وآلهم الأطهار وكافة المسلمين إلى يوم الدين، وبعد..
ويا أيُّها السيف البتار، لا تحرّف كلام الله في محكم الذِّكر في قول الله: {وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [النساء].
فهذه الآية من آيات الكتاب المحكمات البيّنات عن أصحاب الجنان أنّهم من الأنبياء والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، فلماذا تُحرّفون كلام الله عن مواضعه الحقّ؟ فكيف تقولون أنّ هذه الآية برهانٌ لاستمرار بعث الرسل من بعد محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أفلا تتّقون؟
وكذلك قول الله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [القدر]، وهذه الآية تتحدّث عن تنزيل رسول الله جبريل لبدء الوحي على رسل الله من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تصديقاً لقول الله تعالى: {حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴿٣﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿٥﴾ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [الدخان].
وكذلك الاستدلال بقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٣٠﴾ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴿٣١﴾ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [فصلت].
فتقولون أنّ هذه من آيات برهان الاستمرار لبعث الرسل من بعد محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وهي تتكلّم عن البشرى من الملائكة لضيوف الرحمن يبشروهم بجنّات النعيم ويتنزلون إلى أبواب السماء الدنيا لاستقبال ضيوف الرحمن الذين يدخلون الجنة من بعد موتهم، وتتنزل الملائكة عليهم لاستقبالهم؛ لتتلقّاهم، فيفتحون لهم أبواب السماء الدنيا ثم يعرجون معهم إلى الجنة، ونستنبط ذلك من عدم فتح أبواب السماء للكافرين من أصحاب جهنم. وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُجْرِمِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:40].
ونستنبط من ذلك أنّ الملائكة تتنزّل إلى السماء الدّنيا ليفتحوا أبوابها للأموات من أهل الجنة ثم يعرجون معهم إلى جنات النعيم، وكذلك تتلقّى الملائكة لتبشِّر آخرين من أهل الجنة في يوم البعث فيتلقونهم بالبشرى بجنات النعيم: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴿٩٨﴾ لَوْ كَانَ هَـٰؤُلَاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا ۖ وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٩٩﴾ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ ﴿١٠٠﴾ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴿١٠١﴾لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴿١٠٢﴾ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴿١٠٣﴾ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿١٠٤﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
فمن ذا الذي يحرّف كلام الله عن مواضعه المقصودة فلن يجد له من دون الله وليَّاً ولا نصيراً، فأنتم يا معشر الأحمديّين تأتون ببرهانكم من الآيات التي لا تزال بحاجة للتأويل والتفصيل ومن ثمّ تلوون أعناقها لتكون برهاناً لأهوائكم حتى تقنعوا الناس باستمرار بعث الرسل، فتقنعوا الناس أنّ الذين يتنزّلون عليكم هم ملائكة الرحمن المقرّبين! بل هم شياطينٌ ليصدوكم عن السبيل. وقال الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴿٢٢١﴾ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٢٢٢﴾ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴿٢٢٣﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ولكنّي الإمام المهديّ أقسم بالله العظيم أنّ الشياطين يتنزلون على قوم مشركين من المؤمنين ويقولون لهم أنّهم ملائكة الرحمن المقرّبين، ويدعونهم من دون الله الذين لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون، حتى إذا كانوا بين يدي الله فسألهم الله عمّا كانوا يعبدون قالوا: كنا نعبد الملائكة المقربين قربةً إليك ربنا، ومن ثم وجه الله السؤال إلى الملائكة أجمعين، وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿٤٠﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
وأشهد لله شهادة أحاسب عليها بين يدي الله أنّ منهم أحمديّين يدعون مردة الشياطين من دون الله ويحسبون أنّهم ملائكة الرحمن المقرّبين، ولو كانوا من ملائكة الرحمن المقرّبين لما أمروهم بدعائهم من دون الله، والحكم لله وهو خير الفاصلين.
ويا معشر الضيوف من الأحمديّين إنّكم لا تقرأون البيانات الحقّ للكتاب كونكم لستُم من أولي الألباب إلا من رحم ربّي منكم واتّبع الحقّ من ربّه بعدما تبيّن له أنّه كان على ضلالٍ مبين، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
وأما البيان الحقّ لقول الله تعالى: {مّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىَ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رّسُلِهِ مَن يَشَآءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:179].
فهذه الآية تتكلم عن فتنة المؤمنين من بعد الرسل، فكلما بعث الله رسولاً ليهدي به الناس يؤمن من آمن معه من قومه، ومن ثم يهلك الله عدّوهم ويرثون الأرض من بعدهم ويتركهم رسولهم وهم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها، حتى إذا مات الرسل وأتباعهم الأولون بدأ الذين من بعدهم بالمبالغة فيهم بغير الحقّ حتى يدعونهم من دون الله، ومن ثم يصنعون لهم تماثيلَ أصناماً ليعبدوهم وليقربوهم إلى الله زلفى، ومن ثم يبعث الله رسولاً جديداً ليعيدهم إلى الصراط المستقيم، وهكذا من أولهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} صدق الله العظيم [البقرة:213].
ولا نزال نُذكِّرُكم بآيةٍ لو استطعتم محوها من كتاب الله لفعلتم كونها من أشدّ الآيات عليكم لأنّها من أشدّ الآيات وضوحاً في الكتاب فتوى لأولي الألباب. وتلك الآية هي قول الله تعالى:
{{{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}}} صدق الله العظيم [الأحزاب:40].
ويا معشر الأحمديين، قد أعطيناكم فرصة كبرى لعلكم تتّقون فاستحببتم العمى على الهدى، وأضعتم وقتنا فلم نستطع الردّ على السائلين كون الإمام المهديّ انشغل بالردود عليكم، وبعد أن أقمنا عليكم الحجّة بالحقّ وصبرنا عليكم كثيراً وأجبرتمونا على أن نغلق الموضوع فقد تجاوز خمسين صفحة، ولن تهتدوا إذاً أبداً حتى تروا العذاب الأليم إلا من رحم ربّي إنّ ربي غفورٌ رحيمٌ.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
خليفة الله وعبده؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
___________