الموضوع: من الإمام المهديّ إلى أحبّتي الأنصار السّابقين الأخيار ..

النتائج 1 إلى 2 من 2

  1. - 1 -
    الإمام ناصر محمد اليماني
    28 - 10 - 1431 هـ
    07 - 10 - 2010 مـ
    06:00 صباحاً
    ــــــــــــــــــــــ



    من الإمام المهديّ إلى أحبّتي الأنصار السّابقين الأخيار ..

    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبيّ الأميّ الأمين رحمةً للعالمين محمد رسول الله وعلى آله الأطهار والسابقين الأنصار في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، أحبّتي الأنصار السّابقين الأخيار سلام الله عليكم ورحمته وبركاته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين..

    وما يريد الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني أن يُذكِّرَ به أنصارَه المكرّمين هو أن لا تنسوا الهدف الذي تناضلون من أجله، وهو أنّكم تريدون أن تحققوا السّعادة في نفس الله وتذهبوا الحسرة من نفسه على عباده الذين ظلموا أنفسهم؛ وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون، ولكنّهم لم يهونوا على ربّهم الرحمن الرحيم فقد وجدتم أنّه آسفٌ على عباده الذين ظلموا أنفسهم، والبرهان على أسف الله عليهم تجدونه في قول الله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} صدق الله العظيم [الزخرف:55].

    وكذلك فرحة الله كبرى فهي على قدر حزنه على عباده الذين ظلموا أنفسهم وكذلك فرحته بتوبة عبده كما تعلمون في فتوى محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قال: [لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاةٍ فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فيئس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها قد يئس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثمّ قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربّك. أخطأ من شدة الفرح] صدق عليه الصلاة والسلام وآله الأطهار.

    أحبّتي في الله، تصوّروا مدى الحزن على وجه ذلك الرجل الذي لو أَفْلَتَتْ منه راحلته وهو في صحراءٍ قاحلةٍ ثمّ وقع ما عليها على الرمال وهربت منه، ومن ثمّ ظلّ يجري وراءها ولكن دون جدوى لم يلحقْ بها، فمسّه اللغوب والتّعب والعطش وهو يجري وراءها، ومن ثمّ استيأس منها، ومن ثمّ اضطجع تحت ظلّ شجرة ينتظر الموت إلا أن ينظر الله في أمره، ثمّ نام قليلاً ومن ثمّ أفاق من نومه فإذا هي قائمةٌ عنده وزمامها مُعلّقٌ على مقربةٍ من وجهه، ومن ثمّ أمسك بزمامها، ومن ثمّ قال من شدة الفرح: "اللهم أنت عبدي وأنا ربّك". سبحانه! بل أخطأ بغير قصدٍ من شدة الفرح، فتصوّروا الحُزن الذي كان على وجه ذلك الرجل ولذلك كانت الفرحة عظيمة بعد أن أمسك بزمام ناقته، ولكنّ الله هو أشدُّ حزناً على عبده من حزن ذلك الرجل وهو أشدّ فرحاً بتوبة عبده من فرح ذلك الرجل.

    إذاً يا قوم فبِئسَ الجنّة التي سوف تشغلنا عن تحقيق الفرح والسعادة في نفس الله.

    وربّما يودّ أحد أحباب الله أن يقاطع الإمام المهديّ بعَجَلٍ شديدٍ فيقول: "يا إمامي دُلّني كيف أُساعد في تحقيق السّعادة في نفس الله وأُذهب حُزن ربّي من نفسه". ومن ثمّ يفتيه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني بالحقّ وأقول:
    فلتجعل هُدى عبيد الله هو هدفك السّامي في هذه الحياة فلا تُبدّل تبديلاً مهما لاقيت من الأذى ومهما لاقيت من التكذيب، فادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة، واصبر على أذى عباد الله ولا تعجل عليهم فتدعو عليهم فيجيبك الله، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} صدق الله العظيم [البقرة:186].

    وإذا فعلتَ ودعوت عليهم أن يهلكهم الله بعذابٍ من عنده فأنت تعتبر قد فشلتَ في تحقيق هدفك السّامي العظيم وجلبت إلى نفس ربّك الحُزنَ والأسفَ على عباده الذين كذّبوا بالحقّ من ربّهم وظلموا أنفسهم، وما من أمّة دعى عليهم رُسلُ ربّهم أو الصالحون من أتباعهم ثمّ أهلكهم الله تصديقاً لوعده لرسله وللذين آمنوا إلا وتحسّر عليهم من بعد أن يجيب دعوة الدَّاعِ، تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

    ويا أنصار المهديّ المنتظَر، لقد جعلكم الله رحمةً للعالمين فإن كنتم أنصار المهديّ المنتظَر فاعلموا أنّ الإمام المهديّ لا ينام و في قلبه مثقال ذرةٍ على أحدٍ من المسلمين، ولا أنام إلا وقد عفوتُ عمّن ظلمني أو أساءَ إليَّ في هذه الحياة من المسلمين أو الكافرين الذين لا يعلمون، فاصبروا على تحقيق هذا الهدف العظيم مهما وجدتم من الأذى من المسلمين والكافرين، فاصبروا واغفروا لهم إساءتهم إليكم فإنّ ذلك لمِن عزم الأمور، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الشورى].

    ويا أحبتي الأنصار السّابقين الأخيار، فهل تعلمون لماذا اتّخذ الله إبراهيم خليلاً؟ وذلك بسبب قوله عليه الصلاة والسلام وآله الأطهار؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴿٣٥﴾ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].

    فانظروا إلى قول إبراهيم الحليم: {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، فلم تجدونه يقول: "اللهم فأهلكه وأصبه بعذابٍ من عندك أو بأيدينا"، بل قال إبراهيم الحليم: {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وهل تدرون لماذا؟ وذلك لأنّ لرسول الله إبراهيم هدفٌ عظيمٌ يريد أن يهدي الأمّة رحمةً بهم وحسرةً عليهم، ولكنّه دعا على القوم نبيُّ الله لوط - عليه الصلاة والسلام - فمرّ رُسل البلاغ بالتدمير على رسول الله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لكي يخبروه في طريقهم أنّ الله سوف يَهَبُ له غلاماً عليماً حتى إذا سألهم عن أخبارهم، قال تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ﴿٥١﴾ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴿٥٣﴾ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴿٥٤﴾ قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ ﴿٥٥﴾ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴿٥٦﴾ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ﴿٥٧﴾ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴿٥٨﴾ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٥٩﴾ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا ۙ إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴿٦٠﴾} صدق الله العظيم [الحجر].

    ولكنّ خليل الله إبراهيم لا يزال مُصرّاً على تحقيق هدفه السّامي العظيم في هدي الأمّة وإنقاذهم من عذاب الله، ولذلك تجدونه يجادل رسل ربّ العالمين في قوم لوطٍ وطلب من الملائكة - رُسل الرحمن المبلّغين بالتدمير - مهلةً من الوقت، ويريد أن ينقذهم أجمعين فيدعوهم الليل والنّهار حتى يهتدوا. قال الله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾} صدق الله العظيم [هود].

    فانظروا أحبّتي الأنصار إلى ثناء الله على نبيّه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾} صدق الله العظيم، ولكن رُسل ربّ العالمين من الملائكة المكرمين قالوا: {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [هود].

    ولذلك اتّخذ الله إبراهيم خليلاً بسبب حلمه على عباده، قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} صدق الله العظيم [النساء:125]، بسبب قوله في الدُّعاء إلى ربّه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴿٣٥﴾ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].

    ولكنّ خليل الله إبراهيم لم يكتب له الله تحقيق هدفه العظيم فيهدي الله به الأمّة جميعاً فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ جميعاً كونه ليس بأرحم من الله على عباده؛ بل حسرة الله على عباده هي أعظمُ من حسرة خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأعظمُ من حسرة خاتم الأنبياء والمرسَلين صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وأمّا الإمام المهديّ فلا يكاد أن يُذهب نفسه حسرات على العباد شيئاً لكوني نظرت إلى مدى عظيم حسرة جدّي محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - على عباد الله لدرجة أنّه كاد أن يُذهب نفسه حسراتٍ عليهم، لذلك قال الله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} صدق الله العظيم [فاطر:8].

    بل أسف محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كان على العباد أسفاً عظيماً في قلبه، ولذلك قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [الكهف].

    ومن ثمّ تفكّر المهديّ المنتظر وقال: إذا كان هذا حال قلب عبدٍ رؤوفٍ رحيمٍ بالعباد فكيف حال الله أرحم الراحمين؟ وهذا كان مُجرد تفكيرٍ منطقيٍّ ليس إلا بادئ الأمر، فقلت: إذاً لا بدّ أنّ الله هو أعظمُ حسرةً وأسفاً على عباده من خليل الله إبراهيم ومن محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - لكون الرحمة في نفس الله لهي أشدُّ رحمة بفارقٍ عظيمٍ، فقلت إذاً فلا بُدّ أنّ الله هو أعظم حسرةً وأسفاً على عباده فذلك ما يقوله العقل والمنطق لكون الله هو أرحم الراحمين. ولكن الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، ومن ثمّ أراني الله الحقّ في محكم كتابه أنّه دائمُ الحسرة على عباده منذ أن أرسل أوّل رسولٍ إلى عباده من الجنّ والإنس فكذّبوا رُسلَ ربِّهم فدعا عليهم الرّسل فاستجاب الله لهم فأهلك عدوّهم، ومن ثمّ تحسَّر على عباده من ذلك الحين منذ الأزل القديم لعصر الجنّ والإنس، فإذاً الفتوى عن تحسّر الله على عباده الكافرين قد جعله الله في أشدّ آيات الكتاب إحكاماً وبياناً: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

    ومن ثمّ أطرقتُ مليّاً وانفجرت باكياً بين يدي الله بكاءً مريراً وقلت: يارب، لمَ خلقتني يا إلهي؟ فهل لكي آكل الأعناب والفواكه وأستمتع بالحور العين وأشرب من نهر العسل المُصفّى والخمر واللبن وأسكن في القصور الفاخرات في جنّات النّعيم؟ فهل هذا هو الهدف من خلقنا حتى نتّخذ رضوانك وسيلةً لتحقيق ذلك؟ هيهات هيهات وتالله ما هذا بإنصاف الربّ حقّه، فكيف يكون الحبيب سعيداً ما لم يكن أحبّ شيء إلى نفسه سعيداً وفرحاً مسروراً! فكيف نكون سعداء في جنّة النّعيم وحبيبنا الله أرحم الراحمين حزين ومتحسر على عباده؛ بل منذ آلاف السّنين وهو حزينٌ ومتحسرٌ على عباده؟ وهذه فتوى الله عن حسرته على عباده من الجنّ والإنس منذ الأزل القديم: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.

    فوالله الذي لا إله غيره وكأنّي أرى دموع أحباب الله تسيل على خدودهم فحرّموا الجنّة على أنفسهم حتى يحقّق الله لهم النّعيم الأعظم منها فيكون الله سعيداً فرحاً مسروراً بتوبة عباده أجمعين، ثم يجعلوا هدفهم في هذه الحياة هو أن يجعلوا النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ حتى يتحقّق رضوان الله في نفسه لكونهم لا يتّخذون رضوان الله وسيلة لتحقيق الجنّة؛ بل اتّخذوا رضوان الله غاية، ولن يرضوا إلا بتحقيق غايتهم. أولئك من أكرم أحباب الرحمن في محكم القرآن، ألا والله الذي لا إله غيره إنّكم لتجدونهم يرفضون سلعة ربّهم المعروضة عليهم في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١١١﴾} صدق الله العظيم [التوبة].

    فانظروا لقول الله تعالى: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ}، ويقصد فأبشروا بالجنّة، وأوفاهم بالثمن فور استشهادهم في سبيل الله، ولذلك تجدونهم رضوا بها وفرحوا بها كونهم اتّخذوا رضوان الله وسيلةً لتحقيق ذلك، وذلك مبلغهم من العلم، قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٧٠﴾ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٧١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].

    ولكن مَن هم أشدُّ حُبّاً لله في الكتاب في عصر بعث المهديّ المنتظر لن يرضوا بذلك أبداً حتى يُحقّق الله لهم النّعيم الأعظم من جنّة النّعيم، وسوف يجاهدون في سبيل الله بالدّعوة إليه على بصيرةٍ من ربّهم ولن تجدوا البيع والشراء بينهم وبين ربّهم، فهل يكون بيعٌ وشراءٌ بين الحبيب وحبيبه؟ بل الحُبّ أكبر في قلوبهم لربّهم أولئك هم أنصار المهديّ المنتظَر في الكتاب الذي وعد الله بهم في محكم كتابه في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة].

    أولئك هم من أعظمِ درجات أحباب الربّ من بين العبيد، وهم أشدُّ حبّاً لله، ولذلك لن يرضيهم ربّهم بنعيم جنّته ويقولون لربّهم: "وكيف يسعدُ الحبيب وحبيبه ليس بسعيدٍ ومُتحسّرٌ في نفسه؟ بل نُريدُ تحقيق النّعيم الأعظم من جنّتك يا أرحم الراحمين". وعلى ذلك تستمر حياتهم وعلى ذلك يموتون وعلى ذلك يبعثون، ولن ترضى أنفسهم أبداً أبداً حتى يحقّق الله لهم النّعيم الأعظم من ملكوت الدنيا والآخرة فيرضى في نفسه ثمّ يأذن الله لعباده الذين تحسّر عليهم من قبل أن يدخلوا جنّته حين يذهب الفزع عن قلوب الأمم بالمفاجأة الكبرى حين يسمعوا ربّهم قد أذِن لهم أن يدخلوا جنته، فيتفاجأ الأمم جميعاً ويقولوا لأحباب الرحمن في محكم القرآن: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} صدق الله العظيم [سبأ:23].

    وهنا تحقّق النّعيم الأعظم.

    وسلامٌ على المرسَلين، والحمد لله ربِّ العالمين ..
    أخو البشر في الدّم من حواء وآدم عبد النّعيم الأعظم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
    __________________



    البيعة لله



    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)





  2. - 2 -
    الإمام ناصر محمد اليماني
    29 - 08 - 1431 هـ
    10 - 08 - 2010 مـ
    01:52 صباحاً
    ــــــــــــــــــــــ



    سؤال الإمام المهديّ إلى أمير النور ..

    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الرُّسل من ربّ العالمين من أوّلهم إلى خاتمهم وآلهم الطيّبين أجمعين ولا أُفرّقُ بين أحدٍ من رُسله وأنا من المسلمين، السلام عليكم أحبّتي الأنصار جميعاً ورحمة الله وبركاته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين..

    وأما السؤال الذي يوجهه المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني إلى (أمير النّور) أحد الأنصار الذي أرجو من الله أن يطهِّر قلبَه تطهيراً، والسؤال هو: فهل لو أنَّ الله يؤتيك ملكوت الدنيا والآخرة ويجعلك أحبّ عبدٍ وأقرب عبدٍ إليه سبحانه ويؤتيك الدرجة العاليّة الرفيعة في جنّة النّعيم فهل سوف ترضى فتصبح فرحاً مسروراً؟ فإذا كان الجواب منك: "اللهم نعم" فتقول: "وكيف لا أكون فرحاً مسروراً لو آتاني ربّي ملكوت الدنيا والآخرة وجعلني أحبّ عبدٍ وأقرب عبدٍ إليه وآتاني الدرجة العالية الرفيعة في الجنّة! فماذا أبغي بعد ذلك؟". ومن ثمّ يردّ عليك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: أما أنا فالحقّ أقول وأقسم بالله العظيم ربّ السّماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنّ ربّي لا يرضيني بذلك كله ما لم يتحقّق لعبده النّعيم الأعظم من ذلك كلّه فيرضى، وذلك لأنّ رضوان الله في نفسه بالنسبة لي غايةٌ أُناضل من أجل تحقيقها وليست وسيلةً من أجل تحقيق المُلك والملكوت وجنّة النّعيم؛ بل رضوان الله في نفسه بالنسبة لي غاية ومن أجل ذلك أعيش، وذلك هو سرّ الإمام المهديّ الذي تجهلون قدره ولا تحيطون بسرّه.

    فتعال يا أمير النّور لنتدبّر سويّاً قول الله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [يس].

    فقد وجدنا يا أمير النّور أنّ الرجل الذي غايته الشهادة في سبيل الله قد بلّغه الله ما يريد فقتله قومه ومن ثمّ أدخله الله جنّته، فتجده فرحاً مسروراً، وقال الله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم، ومثله كمثل الذين يبتغون الشهادة في سبيل الله، فكتب الله لهم الشهادة فأدخلهم جنّته، فتجدهم فرحين مسرورين بما آتاهم الله من فضله. وقال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٧٠﴾ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٧١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران]. فهل تدري ما سبب فرحهم؟ وذلك لأنّه قد تحقّق الهدف بالنسبة لهم وهي الجنّة التي عرّفها الله لهم، وبعد أن تحقّق الهدف الذي يرجون ولذلك تجدهم: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ} صدق الله العظيم.

    ويا أمير النّور استجمع قواك الفكريّة بتركيزٍ شديد الفهم والتدبّر والتفكّر في كلام الله فيما يلي: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴿١٣﴾ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴿١٤﴾ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿١٥﴾ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴿١٦﴾ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩﴾ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

    ومن بعد التدبّر والتفكّر تجد أنّ الرجل تحقّقت الفرحة لديه بدخوله الجنّة، فتجده فرحاً مسروراً ولكن في نفس اللحظة لا تجد اللهَ أرحمَ الراحمين فرحاً مسروراً فتدبّر وتفكّر: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.

    فأمّا الرجل فتجده فرحاً مسروراً وفخوراً. وقال الله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم، وأمّا الله أرحم الراحمين فتجده حزيناً مُتحسراً يقول في نفسه: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.

    فتدبّر مرةً أخرى إلى الرجل الذي نال الشهادة فدخل الجنّة فور قتله وفي نفس اللحظة انظر إلى ما في نفس الله، فهل تجده كذلك فرحاً مسروراً؟ وقال الله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.

    إذاً بالله عليك؛ بل استحلفك بالله يا أمير النّور لو يُميتُك الله فيدخلك جنّة النّعيم فهل سوف تكون فرحاً مسروراً بعد أن علمت بما في نفس ربّك الله أرحم الراحمين؟ فهل سوف تستمتع بالنّعيم والحور العين والفواكه والأعناب وغير ذلك من النّعيم العظيم وأنت تعلم أنّ حبيبك الرحمن متحسّرٌ وحزينٌ ويقول في نفسه عند هلاك كُلّ أمّة من عباده من الجنّ والإنس يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم؟ فإن قلت يا أمير النّور: "بلى إنّي سوف أكون فرحاً مسروراً بجنّة النّعيم، وما لي ولربّ العالمين أن يكون فرحاً مسروراً أم متحسّراً وحزيناً فأهم شيء لديّ هو تحقيق هدفي أنّه رضي عنّي فأدخلني جنّته، وما لي ولرضوان الله في نفسه فأهمّ شيء نفسي نفسي وأبتغي رضوان الله عليّ لكي ينقذني من ناره ويدخلني جنّته". ومن ثمّ يردّ عليك عبد النّعيم الأعظم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: لك ذلك، فإنّ الله لا يخلف الميعاد فأصدِق الله يصدقك، وأما الإمام المهديّ فيقول:
    أقسمُ بالله العظيم الذي يحيي العظام وهي رميم ربّ السّماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم لا يرضيني ربّي بما تملكه يمينه في الدُّنيا والآخرة ما لم يحقّق لي النّعيم الأعظم من ملكوته أجمعين فيرضى في نفسه، والله على ما أقول شهيدٌ ووكيلٌ.

    ويدرك حقيقة قولي الذين علموا علم اليقين حقيقة اسم الله الأعظم فأصبحوا لا يتّخذونه وسيلةً لتحقيق الجنّة ولن يرضوا بها حتى يحقّق الله لهم النّعيم الأعظم منها وهو رضوان الله في نفسه فأصبح غايتهم ومنتهى أملهم، أولئك همُ القوم الذين وعد الله عبده بهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة]، ولم يتّخذوا رضوان الله وسيلةً؛ بل غاية.

    ولربّما يودّ أن يقاطعني أخي الكريم أبو النّور ويقول: "ويا أخي فمن تكون حتى لا ترضى إلا أن يرضى الله في نفسه!". ثمّ يردّ عليك الإمام المهديّ وأقول: لقد كتب الله على نفسه للذين رضي الله عنهم أن يرضيهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} صدق الله العظيم [البينة:8].

    فمنهم مَن يرضى أن يكون من أصحاب اليمين وذلك مبلغهم من العلم، ومنهم مَن لن يرضى حتى يكون من المُقرّبين وذلك مبلغهم من العلم، وليس للإنسان إلا ما سعى، والهدف يُرسم من هنا يا أمير النّور من هذه الحياة، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ﴿٤٢﴾} صدق الله العظيم [النجم].

    وإنّما في الآخرة الجزاء، ومنهم مَن لن يرضى حتى يكون مِن أصحاب الدرجات العُلى في حُبّ الله وقربه وذلك مبلغهم من العلم، ومنهم مَن لم يرضى حتى يرضى الله في نفسه ولذلك خلقهم، ولكن كيف يكون الله راضياً في نفسه؟ فلا بُدّ أن يُدخل عباده في رحمته لكي يتحقّق الرضوان في نفس الرحمن، فلا بُدّ أن يُدخِل عبادَه في رحمته لكي يحقّق نعيم قوم من عباده عبدوا ربّهم كما ينبغي أن يُعبَدَ؛ وهم عبيد النّعيم الأعظم فلن يرضوا إلا بتحقيق النّعيم الأعظم في قلوبهم ومعتقدهم بقناعة تامةٍ تامة تامة لا يفتنهم عن ذلك النّعيم الأعظم في نظرهم أيّ ملكٍ وملكوتٍ مهما كان ومهما يكون، فأصدَقوا الله فأصدَقَهم. فكيف يظلمهم ولا يُحقّق لهم النّعيم الأعظم؟ سبحانه ولا يظلمُ ربّك أحداً! تصديقاً لقول الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}‏ صدق الله العظيم [سبأ:23].

    وذلك لأنّهم يعلمون أنّ الله لن يظلمهم في عدم تحقيق نعيمهم الأعظم، ولذلك أجابوا الأمم الذين تفاجَأوا بما سمعوا ممّن له الشفاعة جميعاً - الله ربّ العالمين - من ربّهم مباشرةً فتفاجَأت الأمم فقالوا لعبيد النّعيم الأعظم: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}‏ صدق الله العظيم.

    وتالله كأنّي أراهم يبكون الآن ويعلم بهم ربّهم حبيبهم الرحمن الرحيم برغم كثرة ذنوبهم في الماضي السّحيق، ولكنّهم من أحباب الله قوم يحبّهم ويحبّونه فأدركوا مدى رحمة ربّهم وأدركوا كم مدى تحسّره على عباده لكونه أرحم الراحمين، ومدى تحسّره على عبده لهو أعظمُ من تحسّر الأمّ على ولدها لو يلقى به في نار جهنّم حتى ولو عصاها الدهر كله، فتصوّر كم مدى حسرتها على ولدها حين رأته يصرخ في نار الحريق! فما بالك بحسرة من هو أرحم منها يا أمير النّور؟ فانضمّ معنا لتحقيق النّعيم الأعظم إن كنت تحبّ الله بالحُبّ الأعظم من حبّك لكل شيء، وعليك أن تعلم أنّ الله لن يكون راضياً في نفسه حتى يُدخل عباده في رحمته، فهيّا بنا نبدأ بتحقيق هذا الهدف العظيم بادئين بإنقاذ أمّتنا التي نحيا فيها حتى نجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ، فنصبر على أذاهم مهما كان ومهما يكون فلا ندعو عليهم لأنّنا لو دعونا عليهم فنُعتبر قد فشلنا في تحقيق هذا الهدف العظيم، لأنّنا لو ندعو عليهم فحتماً سوف يجيبنا الله فيهلكهم فيورثنا الأرض من بعدهم تصديقاً لوعده الحقّ، ولكن يا أمير النّور فما الفائدة لو يجيب الله دعوتنا عليهم فيقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

    إذاً لو فعلنا فقد فشلنا في تحقيق الهدف فبدل أن نجلب السّعادة في نفس الله والفرحة بتوبة عباده جلبنا الحزن والحسرة لو يهلكهم الله بسبب دعائنا عليهم: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

    وعليه فإنّي أشهدُ الله والأنصار السّابقين الأخيار عبيد النّعيم الأعظم أنّي مُتنازلٌ عن إجابة دعائي على عبيد الله جميعاً لأنّي لربّما ينفدُ صبري فأدعو عليهم، ولذلك رجوت من ربّي أن لا يجيب دعوتي عليهم؛ بل يجيب دعائي لهم بالنجاة والهدى إلى الصراط المستقيم خصوصاً الذين لو علموا بالحقّ لاتّبعوه، وذلك لكي يتحقّق هدفي الذي أعيش من أجله يا أمير النّور، فكن من الشاكرين أن قدّر الله وجودك في جيل الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّك، وكن من الشاكرين أن قدّر الله لك العثور على دعوة المهديّ المنتظر في عصر الحوار من قبل الظهور، وطهّر الله قلبك حبيبي في الله تطهيراً كوني أراك مُقتنعاً في أشياء وأخرى لم تقتنع بها بعد فتصمت، وأرى خطاباتك ثمّ أعلم أنّه توجد هُناك أشياء لم يطمئن لها قلبك بعد وتكاد أن تُبديها لنا أحياناً وتخفيها تارةً أُخرى، ولا ألوم عليك ولكنّ اللوم أن تكتمها في نفسك، فلربّما لو تبديها تجد لدينا بإذن الله ما يُزيل الشكّ باليقين.

    وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين ..
    أخوكم عبد النّعيم الأعظم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
    ___________________



    البيعة لله



    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)




المواضيع المتشابهه
  1. من الإمام المهدي إلى أحبتي الأنصار السابقين الأخيار
    بواسطة الإمام ناصر محمد اليماني في المنتدى قسم الجهاد في سبيل الله
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 02-10-2020, 08:34 PM
  2. من الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني إلى كافة أحبتي الأنصار السابقين الأخيار ..
    بواسطة الإمام ناصر محمد اليماني في المنتدى دحض الشبهات بالحجة الدامغة والإثبات على مهدوية الإمام ناصر محمد اليماني
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 06-07-2016, 12:30 PM
  3. ردّ الإمام المهدي على السائلين من أحبتي الأنصار السابقين الأخيار..
    بواسطة الإمام ناصر محمد اليماني في المنتدى ۞ موسوعة بيانات الإمام المهدي المنتظر ۞
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 26-11-2014, 09:29 AM
  4. 7/10/2010: بيان من الإمام المهدي إلى أحبتي الأنصار السابقين الأخيار
    بواسطة ابراهيم في المنتدى بيان المهدي الخبير بالرحمن إلى كافة الإنس والجان
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24-01-2013, 12:33 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •